الواد الأخضر
عزيزي الزائر، مرحباَ بك في منتدى العمل والأخوة تدل هذه الرسالة على أنك غير متصل أو غير مسجل لذا

نرجو منك تسجيل الدخول أو التسجيل في منتدانا لنساهم معا في ضمان التواصل وتطوير المنتدى.
شكرا

مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) 352686025
الواد الأخضر
عزيزي الزائر، مرحباَ بك في منتدى العمل والأخوة تدل هذه الرسالة على أنك غير متصل أو غير مسجل لذا

نرجو منك تسجيل الدخول أو التسجيل في منتدانا لنساهم معا في ضمان التواصل وتطوير المنتدى.
شكرا

مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) 352686025
الواد الأخضر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الواد الأخضر


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل الدخولشاهدنا على اليوتيوب
مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) Support

حفظ البيانات؟
مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) Fb110

 

 مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Rahmani karim
نائب المدير
Rahmani karim


مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) Jb12915568671 احترام قوانين المنتدى احترام قوانين المنتدى : 100%
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 95
تاريخ الميلاد : 16/04/1995
تاريخ التسجيل : 27/08/2012
العمر : 29
الموقع : سيدي سليمان

مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) Empty
مُساهمةموضوع: مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2)   مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2) Emptyالثلاثاء ديسمبر 25, 2012 2:34 am

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ 1

الحمد لله رب العالمين, وخالق السماوات والأرَضِين, مالك الدنيا والآخرة والدين, وإله الأولين والآخرين, وإليه ترجع أمور العالمين, ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة, سبحانه وبحمده ولا إله إلا هو, وصلى الله وسلم وبارك على خيرته من خلقه, عبده ورسوله محمد وعلى روحه وكلمته المسيح عيسى وعلى إخوتهما الأنبياء ومن تبعهم بإحسان, وبعد:
فهذا هو الجزء الثاني من مسيرة التوحيد في الديانة المسيحية المبدلة (النصرانية) بعد الجزء الأول الذي تناول الطوائف الموحدة داخل إطار النصرانية, فأقول وبالله أصول وأجول وأحاول:
"الكُتُبُ التَّوْحِيدِيَّةِ"
هناك شواهد صارخة واضحة جلية للتوحيد في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد(البيبل) وهي معدودة من المسلمات لدى اللاهوتيين المستقلّين, وبخاصة العهد القديم, ومن ذلك:
"العهدُ القديم"
«أنا الله ولا يوجد إلـٰه آخر» (إشعيا 45: 33).
«اسمع يا إسرائيل الربُّ إلهنا ربُّ واحد» (التثنية 6: 4).
«إنك قد أريت لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه» (التثنية 4: 35).
«ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر» (الملوك 8: 60).
«أنا الرب وليس آخر لا إلـٰه سواي» (إشعيا 45: 33).
"العهدُ الجديد"
«قال له يسوع: اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلـٰهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى 4: 7).
«أيةُ وصيَّة هي أول الكل فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد... فقال له الكاتب: جيدًا يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه» (مرقس 12: 28- 32).
«وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته» (يوحنا 17: 3).
«قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم، ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله» (يوحنا 8: 39- 40).
وهاهنا بعض الإشارات إلى بعض الكتب التوحيدية من داخل الديانة النصرانية:
1ــ مخطوطات نجع حمادي(1):
في عام (1945م) وبالقرب من قرية نجع حمادي(2) اكتشف القروي أحمد السمّان الذي كان يبحث عن سماد لحقله جرة خزفية فقام بكسرها فوجد فيها مخطوطات قديمة عُرفت لاحقًا بمخطوطات نجع حمادي(3)، وهي تحتوي أناجيل وكتابات غنوصية. وقد أخفى هذا القروي المخطوطات، ولم تعلم بها السلطات إلا بعد عدة أعوام حينما طرحت للبيع في سوق الأنتيكة في القاهرة، فاشترت مصلحة الآثار أحد المجلدات من ذلك السوق، وتم حفظه في المتحف القبطي مع عدم درايتهم بأهميته الحقيقية؛ لعدم وجود خبراء متـخصصين لفحصها.
وقد سنحت الفرصة حينما قدم الفرنسي جين دوريس، وهو من المتـخصصين في المصريات القديمة وزار المتحف المصري، وفحص المخطوط، ثم قال: «إن هذا المخطوط يؤدي إلى تغيير كل ما هو معروف عن أصل الحركة المسيحية!» ومن ثم قامت السلطات بحيازة باقي المجلدات بالشراء أو المصادرة حتى وصل العدد في النهاية إلى (13) مجلدًا تحتوي على (52) نصًا، وتم حفظها في المتحف المذكور، فاكتملت النسخ عدا جزء كبير من المجلد (13) ويحوي خمسة نصوص، وكان التجار قد هرّبوه للبيع في أمريكا، حيث اشتراه جايلز جمسبيل أستاذ تاريخ الديانات بجامعة أوتريش الهولندية لحساب مؤسسة خيرية سويسرية(4)، وبعد إطلاعه عليه تبين له وجود أجزاء ناقصة، فسافر إلى القاهرة واطّلع وحمّل صورًا فوتوغرافية للمخطوطات، وعاد للفندق لقراءتها، وكانت المفاجأة التي ألجمته حينما وجد في مقدمتها: «هذه هي الكلمات السرية التي قالها يسوع الحي، ودوّنها ديدموس جوداس توماس»(5).
وكان قد تم العثور قبل ذلك بنصف قرن في مصر على قصاصة من ورق البردي، تحتوي على جزء من إنجيل توماس، ولكن هذه المرة عثر على الإنجيل التوماسي كاملًا.
كما تأكد جمسبيل أن تلك المخطوطات كلها ترجع إلى القرون الميلادية الأولى، ومن بينها أناجيل لم تكن معروفة من قبل مثل إنجيل توماس (الكامل) (6)، وإنجيل فيليب، وإنجيل الحق، وإنجيل المصريين، إلى جانب كتابات منسوبة للحواريين مثل كتاب جيمس(7)، وخطاب بطرس إلى فيليب، إضافة إلى رؤيا بولس.
وليس هناك خلاف بين الباحثين في توقيت إخفاء هذه المجلدات، وأنه في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، وهي الفترة التالية لمجمع نيقية(Cool سنة (325م) وهو العصر الذي أصدرت فيه الأوامر الإمبراطورية والكنسية الرومانية بإحراق الأناجيل المخالفة، وقتل كل من توجد عنده(9) مما اضطر مالكيها لإخفائها بهذه الطريقة، ومما يدل على ذلك أن أوراق البردي المستـخدمة في تبطين الأغلفة الجلدية تعود إلى تلك الفترة الزمنية.
لكن خلاف الباحثين إنما يكمن في توقيت كتابة تلك المخطوطات(10)، وقد فاجأ هيلموت كويستر أستاذ التاريخ المسيحي بجامعة هارفارد الأمريكية حينما أرجع أصل إنجيل توماس إلى منتصف القرن الميلادي الأول، أي إلى تاريخ يسبق ظهور أي من كتابات العهد الجديد كلها!
وقد تأخر المتحف القبطي في نشر هذه المخطوطات، حتى طالبت هيئة اليونسكو بذلك، فتم نشرها عام (1972م)، ثم قام الأستاذ الأمريكي جيمس روينسون مدير معهد دراسات التاريخ المسيحي بتكوين لجنة دولية لدراسة وترجمة نصوص مكتبة نجع حمادي القبطية(11) مما زاد من اهتمام طلاب التاريخ المسيحي بتعلم اللغة القبطية(12).
وعند تأمل هذه المخطوطات ندرك مغزى تردّد المتحف القبطي في نشرها ومماطلته، وحقيقة كلام جين دوريس: «إن نشره سيغيّر كل ما هو معروف في أصل الديانة المسيحية» وليست مسألة تاريخ فقط، بل مسألة اعتقاد وأصول، فأناجيل العهد الجديد على أن المسيح مات على الصليب، إلا أن هذا الحدث ليس غائبًا فقط عن أناجيل نجع حمادي القبطية، بل إن بعضها ينفي صراحة هذه القصة ويسخر منها ومن قائليها.
جاء في إنجيل بطرس(13) على لسان بطرس: «رأيته يبدو كأنهم يمسكون به وقلت ما هذا الذي أراه يا سيد(14). هل هو أنت حقًا من يأخذون أم أنهم يدقون قدمي ويدي شخص آخر... قال لي المخلص... من يدخلون المسامير في يديه وقدميه هو البديل فهم يضعون الذي في شبهه العار أنظر إليه وانظر إلي» وهذا شاهد صدق على ما ذكره الله تعالى في القرآن العظيم: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً . بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً . وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن نبه قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً" [النساء: 157ــ 159].
وفي كتاب (سيت الأكبر) على لسان المسيح: «كان شخص آخر هو الذي شرب المرارة والخل لم أكن أنا كان آخر الذي حمل الصليب فوق كتفيه كان آخر هو الذي وضعوا الشوك على رأسه وكنت أنا مبتهجًا في العلا أضحك لجهلهم» وفي (أعمال يوحنا) على لسان المسيح: «لم يحدث لي أي شيء مما يقولون عني»(15).
وهنا مسألة أخرى وهي الصليب القبطي، ما هي دلالته ومغزاه وإشارته؟ وما الفرق بينه وبين الصليب الروماني؟ ومن أخذ من الآخر؟
والجواب: أن بينهما بونًا شاسعًا فالصليب القبطي يرمز إلى الحياة، أما الروماني فيرمز إلى الموت، وهذا الصليب القبطي هو (عنخ) مفتاح الحياة عند المصريين القدماء، ومن ثم اتـخذه المسيحيون الأوائل رمزًا لحياة المسيح وروحه التي لم تمت، ولم تستـخدم الكنائس المصرية(16) الصليب الروماني إلا في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي بعد سيطرة كنيسة روما عليها، علمًا بأنه لا يوجد صليب روماني يعود تاريخه إلى القرون الثلاثة الأولى حتى خارج مصر بل كلها تعود إلى الصليب القبطي، كما في المتحف القبطي في القاهرة.
وبعد أن سيطرت كنيسة روما على الأوضاع أعلنت فيما بعد عن العثور على ما قيل إنه الصليب الأصلي، وتطور الأمر حينما شرعت الكنيسة الرومانية في وضع صور لجسد المسيح عليه السلام على الصليب الخشبي.
وقد أثار كتاب (تطور الأناجيل) الذي صدر للسياسي البريطاني باول ضجة كبيرة عندما أعلن أن قصة صلب الرومان للمسيح عليه السلام لم تكن موجودة في النص الأصلي للأناجيل(17).
وهناك خلافات جوهرية بين التصورات المسيحية السائدة الآن وبين تصورات المسيحيين الأوائل الذين دونوا مخطوطات نجع حمادي(18)، ومن تلك الأمور: أنه ليس هناك إشارة إلى ولادة المسيح في بيت لحم، ولا ذكر لولادته في عهد هيرودس، ولا زيارة المسيح للقدس، ولا لقائه بيوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا عليهما السلام) عند نهر الأردن، ولا تعميده، ولا أنه جاء من الناصرة، كذلك فقد قلب التصوّر الخاص عن مريم المجدلية، ويشيد بها وبصلاحها وأنها ليست من الخاطئات، بل هي من تلاميذ المسيح المقربين، وأن لها إنجيل خاص بها مدرج ضمن تلك المخطوطات، وأهم من هذا كله إنكار تلك المخطوطات الأناجيل التي فيها إثبات صلب المسيح عليه السلام وهو عمدة اعتقادات المسيحية الحالية المبدّلة!
2ـ إنجيل توما (توماس):
وهو من ضمن مخطوطات مكتبة نجع حمادي، ويختلف هذا الإنجيل الفريد عن باقي الأناجيل في أنه لا يحتوي على قصة أو رواية للأحداث، فهو إنجيل توجيهي وليس تاريخي، وهو مكون من (114) قولًا منسوبة للمسيح عليه السلام، ويصعب على مخالفيه وصفه بالهرطقة(19) إذ أنه يحتوي على عدد كبير من أقوال المسيح عليه السلام المبثوثة في الأناجيل المعتمدة من العهد الجديد، إلى جانب أقوال ووصايا لم تظهر بها(20)، فأقواله موجودة بشكل أولي وليست على شكل سرد قصص، مما يوحي بأنه أقدم الأناجيل المعروفة حتى الآن، فبينما ترجع كتابة الأناجيل المعتمدة إلى ما بعد عام (70م) فإنا نجد أن هذا الإنجيل (توماس) يعود إلى عشرين سنة قبل هذا التاريخ، وبهذا يكون هو أقدم الأناجيل المعروفة على ظهر المعمورة!
والملفت في هذا الإنجيل العتيق إيراده للمعجزات التي جرت على يد المسيح عليه السلام كما ذكرها القرآن الكريم وقصها وسردها، وكان نزوله بعد نحو (600) عام من كتابة هذا الإنجيل، بل إنه ليذكر معجزات لم تشر إليها الأناجيل المعتمدة لا من قريب ولا من بعيد، كمعجزة النخلة، وتكلمه في المهد، ومعجزة خلقه من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، ومعجزة إنبائه لهم عما يأكلون وما يدخرون، ولم يذكر قصة الصلب نهائيًا، وكل هذه الأمور قد شهد له القرآن بصحتها(21)، فالقرآن هو الكتاب الخاتم والمهيمن والشاهد على الكتب قبله.
ومما ورد في هذا الإنجيل: «... لقد كان شخصًا آخر هو الذي شرب الماء والخل(22) ولم يكن إياي ضربوني بالقصب لقد كان شخصًا آخر هو شمعون الذي حمل الصليب على كتفه لقد كان شخصًا آخر الذي وضعوا على رأسه التاج والشوك وأنا كنت أضحك من جهلهم».
لذلك فلا نعجب حينما تحرم الكنيسة هذا الإنجيل الشامخ مع عجزها عن تقديم أدلة مقنعة لرفضه ورده, وإنا لنسأل: كيف يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة، وإبطال صحة هذا الإنجيل، واعتباره أبو كريفا(23)؟!
والجواب الواضح موجود في ثنايا هذا الإنجيل الناقض لعقائدهم من الأساس، تلك العقائد البولسية الفلسفية الوثنية التي زورت باسم المسيح وبوركت من رجال الدين المبدّل في مجمع نيقية، لأنه بإنكاره صلب المسيح عليه السلام ونقض ذلك الأصل، فالنتيجة خرور السقف على من تحته من المثلثة والمؤلهة للبشر، لذا فلابد من تغييب هذا الصوت بأي طريقة كانت(24).
ومما جاء في هذا الإنجيل العتيق فقرة (12): «قال التلاميذ ليسوع نعلم أنك سوف تتركنا فمن حينئذ سيكون قائدنا فقال لهم يسوع حيثما تكونون عليكم أن تذهبوا إلى يعقوب البار...» وإذا رجعنا لسفر التكوين فسنرى الآتي: «وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب» (تكوين 25: 26) فمعنى يعقوب هنا هو العاقب الذي يعقب من سبقه، والذي سبقه هنا هو المسيح عليه السلام، والعاقب هو أحد أسماء محمد عليه الصلاة والسلام، فقد صح عنه قوله: «إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»(25) إذن فهذه إحدى وصايا المسيح عليه السلام لتلاميذه.
3ــ إنجيل برنابا:
وهو بالطبع من الأناجيل المحرمة والموصومة بالتزييف (الأبوكريفا) عند الكنائس العامة؛ لأنه يناقض عقيدتها جملة وتفصيلا، فهو إنجيل طراز وحده في كل أموره.
وقد ثار جدل كثير حول هذا الإنجيل الفريد، فهو مختلف تمامًا عن بقية الأناجيل المعترف بها سواء في التصوّر والاعتقاد، كنقضه ألوهية المسيح عليه السلام وتأكيده لنجاته من الصلب، وتنديده ببولس ورفضه لدعوته وتبشيره، وتصريحه مرات عديدة ببشارات المسيح عليه السلام بأخيه محمد عليه السلام، أو بطريقة تقسيمات فصوله، فليس فيه أسفار وإصحاحات وأعداد، إنما هي فصول متوالية، وقد قسم الإنجيل إلى (222) فصلًا.
وبرنابا صاحب هذا الإنجيل أو المنسوب إليه، هو أحد حواريي المسيح عليه السلام واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم، وهو إسرائيلي من سبط لاوي، من أهل قبرص، وقد باع حقله وجاء بثمنه ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح عليه السلام (أعمال الرسل 4: 35ــ 37). وقد اشتهر بصلاحه وتقواه، وهو من تولى تقديم بولس للتلاميذ وزكاه عندهم (أعمال 9: 27)، وقد ذهب للدعوة في أنطاكية، ثم وبصحبته بولس (شاول سابقًا) إلى طرسوس سنة كاملة، ثم تشاجر مع بولس واختلف معه وافترقا (أعمال 11: 25، 26، 15: 29) وبعد هذا الشجار اختفى ذكر برنابا من العهد الجديد(26)، وذكر المؤرخون أن وفاته كانت سنة (61م) في قبرص حيث قتله الوثنيون رجمًا بالحجارة، ودفنه ابن أخته مرقس المنسوب له الإنجيل الثاني.
وقد ثبت تاريخيًا وجود إنجيل لهذا الرجل التقي الصالح برنابا، وقد عثر العالم الألماني تشندروف (1859م) على رسالة برنابا ضمن المخطوطة السينائية التي عثر عليها، مما يشير إلى اعتبار هذا الإنجيل مقدسًا فترة من الزمان(27).
وفي عام (366م)(28) صدر أمر البابا دماسس بتحريم مطالعة هذا الإنجيل، وأكد هذا التحريم مجلس الكنائس الغربية (382م) ثم أكده كذلك الباب أنوسنت عام (465م) ثم البابا جلاسيوس الأول عام (492م)(29) مما يدل على العداء المستحكم من الكنيسة العامة لهذا العدو (التقليدي).
ثم اختفى ذكر الإنجيل أحد عشر قرنًا من الزمان حتى عثر عليه الراهب الإيطالي فرامينو.
وقصة اكتشاف فرامينو لهذا الإنجيل كما يرويها المستشرق الشهير سايل: «أن راهبًا إيطاليًا يدعى فرامينو(30) عثر في أواخر القرن السادس عشر على رسائل لأحد القساوسة، وفي عدادها رسالة تندد بالقديس بولس، وأن هذا القسيس أسند تنديده إلى إنجيل برنابا، فأصبح الراهب من ذلك الحين شديد الشغف بالعثور على هذا الإنجيل، واتفق أنه أصبح حينًا من الدهر مقربًا من البابا سكتس الخامس، فحدث يومًا أنهما دخلا معًا مكتبة البابا فأخذ النوم البابا، فأحب الراهب فرامينو أن يقضي الوقت بالمطالعة إلى أن يفيق البابا، فكان الكتاب الأول الذي وضع يده عليه هو إنجيل القديس برنابا نفسه، ففرح به جدًا وخبأه في أحد ردني ثوبه، ولبث إلى أن استفاق البابا فاستأذنه بالانصراف حاملًا ذلك الكنز معه، فلما خلا بنفسه طالعه بشوق عظيم، واعتنق على إثر ذلك الإسلام(31).
وانقطع ذكر هذه النسخة حتى فجر القرن الثامن عشر، ففي العام (1709م) عثر كريمر وهو أحد مستشاري ملك روسيا على النسخة الوحيدة الموجودة اليوم من إنجيل برنابا، والتي أهداها الملك للأمير أوجين سافوي، ثم استقرت عام (1738م) في مكتبة فيينا(32). وبعد ما شاع خبرها صار لذلك دوي عظيم وزلزال هز الكنائس، حتى أجمعوا أمرهم على حربه وإطفاء نوره بتكذيبه ومحاربة نشره، وقد ألفوا ضده المؤلفات(33).
وقد ترجم هذا الإنجيل للعربية على يد الأستاذ خليل سعادة(34)، وقدّم للترجمة بمقدمه وذكر فيها وجود نسخة أسبانية تناقلها عدد من المستشرقين في القرن الثامن عشر، وانتهت إلى يد الدكتور هوايت الذي ذكر بأنها مترجمة عن نسخة البلاط الملكي الإيطالي، وقد حكم المترجم أن هذا الإنجيل مختلق مزور، وأنه قد كتب بيد بعض المسلمين من العصور الوسطى، وقد ذكر لذلك شبهًا فندها المحققون، ومنها:
تصريحه بالبشارة باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. والجواب عن ذلك: أن هذا من حجج ثبوته لا شبه تزويره، وأنه لما صرح بذلك دل على صراحته وقوته وعفويته.
ومنها: تكذيبه لألوهية المسيح وتشنيعه على ترك الختان. والجواب: أن هذا دليل أصالته؛ لأن القول بألوهية المسيح عليه السلام محدث حتى عند محققي اللاهوت، وأما الختان فهو الشريعة الموسوية التي جاء المسيح عليه السلام بتكميلها لا نقضها، إنما نقضها بولس، كما تشهد بذلك أسفار العهد الجديد... وقد قدم المثبتون لأصل(35) هذا الإنجيل عدة ذرائع لقبوله، ومنها:
اختلاف صياغته وأسلوبه عن طريقة المسلمين، فليس من المسلمين من يذكر الله تعالى ولا يثني عليه، ويذكر الأنبياء ولا يسلم عليهم، كذلك فقد ذكر محمدًا صلى الله عليه وسلم باسمه محمد ولو كان كاتبه مسلمًا لذكره باسمه الثاني المنصوص عليه في القرآن الكريم أحمد ليوافق نص آية سورة الصف (6) "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" فلم يذكره بهذا الاسم مرة واحدة!
كذلك فلم يذكر قصة كلام المسيح عليه السلام في المهد المذكورة في القرآن الكريم.
وحينما يدفع المسلمون القول بأنه إنجيل منحول، فليس لجزمهم بصحة نسبته لبرنابا الحواري، بل لجزمهم أن هذا الإنجيل لا يقل بحال من الأحوال عن سائر الأسفار في العهد الجديد التي لم يصل إلينا أيٌ منها بطريق موثوق، بل إن لإنجيل برنابا مزية عليها بكون كاتبه يصرح في ثناياه أنه برنابا الحواري ويصرح بخطابه المباشر للمسيح عليه السلام، بل قد افتتح ديباجته بقوله: «برنابا رسول يسوع الناصري».
ثم إن أسلوب الكاتب ومعلومات الإنجيل يؤكدان بأن هذا الكاتب ضليع في علوم الكتاب المقدس متصف بعمق واسع، وصلاح ظاهر، يليق بمثل برنابا داعية المسيحية الأصيلة الأولى في عهد جيلها الأول.
وقد استشهد برنابا باثنين وعشرين سفرًا من العهد القديم، في حين أن الأناجيل المعتمدة مجتمعة لم تزد في استشهاداتها على أربعة أسفار فقط، وحرفتها وزادت فيها بخلاف أمانة برنابا.
أضف إلى ذلك أن المسيح في إنجيل برنابا قد استشهد بكتب حذفها أهل الكتاب من كتابهم قائلين إنها مدسوسة (أبوكريفا) ولم يؤمنوا بصحتها إلا سنة (1950م) فقط! لذا فيستحيل أن يكون كاتب هذا الإنجيل مدلسًا، بل قد سمعها ودوّنها من لسان المسيح نفسه. وقد أثبت علماء أهل الكتاب صدقه، ومن أمثلة ذلك ما جاء في الفصل (50) حينما استشهد بكتاب سوسنة، وفي الفصل (67) استشهد بكتاب حكمة سليمان، وهما الكتابان اللذان اعترفت بهما كنيستا الأرثوذكس والكاثوليك عام (1970م)(36) وأعلنتا قدسيتهما.
ومما يرجح ميزان هذا الإنجيل أنه يحتوي على كل ما ذكرته الأناجيل الأربعة مجتمعة عن المسيح ــ تقريبًا ــ ما عدا تأليه المسيح وصلبه والثالوث، وقد صيغ هذا الإنجيل بأسلوب بديع أجمل وأوضح منها، بل قد زاد عليها كثيرًا من الأحداث والأخبار.
كما أنه قد ذكر حقائق أخطأت فيها الأناجيل المعتمدة، ثم جاءت الدراسات المسيحية الحديثة لتؤكد صحة ما جاء فيه، ومنها:
1ــ قال برنابا (ف97): «إن المسيح أرسل (72) تلميذًا»، وفي لوقا (70) فقط، في الطبعة القديمة للكتاب المقدس، وجاءت الطبعة الحديثة باسم (كتاب الحياة) سنة (1982م) لتؤكد صحة كلام برنابا وتنفي كلام لوقا.
2ــ قال برنابا (ف209): «إن سالوما هي شقيقة مريم أم المسيح» بينما قالت جميع الأناجيل بأنها قريبتها، وذكر المترجم المسيحي أن علماء المسيحية قد أكدوا صدق برنابا وصحة خبره.
3ــ ذكر برنابا استشهاد المسيح عليه السلام بكتب يهودية حذفتها الكنيسة المسيحية من البيبل في القرن الرابع بزعم عدم صحتها (ف50، 167) لكنها اعترفت بها لاحقًا.
4ــ قصة الزانية الموجودة في إنجيل يوحنا ذكرها برنابا بصورة مختلفة تمامًا (ف201) وقد أكد المؤرخون المسيحيون صدق رواية برنابا بالحرف.
5ــ كشف إنجيل برنابا الحيرة واللبس عن بعض المواطن والجمل في العهد الجديد(37).
وهناك من طعن فيه بحجة مشابهته لأقوال الشاعر دانتي، والجواب: هو إعادة السؤال بصيغة معاكسة مفادها أن دانتي هو من اقتبس منه لا العكس، ثم إن التشابه لا يعني بالضرورة وجود النقل والاقتباس عن السابق وإلا للزم القول بأن أسفار التوراة التشريعية منقولة من قوانين حمورابي البابلي بجامع التشابه الكبير بينهما، ولا شك أن اليهود والمسيحيين بل والمسلمين يرفضون ذلك إلا باستثناء طروء التزوير والتبديل(38) فأصل التوراة محفوظ وإن طرأ التبديل والتحريف عليه في كثير من مواضعها، قال الله تعالى: "وعندهم التوراة فيها حكم الله" [المائدة 43]، فحتى إن وافقت ذلك القانون فلعل ذلك القانون من بقايا شريعة إمام الحنفاء إبراهيم الخليل عليه السلام، وجاء في التوراة مؤكدًا، أو أن اليهود قد استعاروا بعض الأحكام القليلة أما استنساخ شريعة كاملة (أحكام جزائية وإجرائية) فلا.
هذا في الأحكام، أما الأخبار فلعل الأمر ازداد قليلًا؛ لأنهم يعيشون عبر الأجيال المتعاقبة متلازمة أرض الميعاد وملك الأجداد وملك اليهود... فجيّروا أساطير الأمم والشعوب لدغدغة عواطفهم وإرضاء خيالاتهم مع تحوير المناسب لهم منها.
ومن مزاعمهم كذلك؛ إنه لو كان كاتب هذا الإنجيل قد عاش في العصور الوسطى لندد بالأناجيل المثلثة والمؤلهة للمسيح عليه السلام، والجواب عن عدم ذلك أن زمن كتابة هذا الإنجيل الفريد سابق على دعوى التثليث التي طرأت على المسيحية في القرن الرابع الميلادي.
أما متنه فكان أكثر اتساقًا من جميع الأناجيل المعروفة (المعتمدة والأبوكريفا) متميزًا عنها جميعًا بترابط معانيه، وجمال أسلوبه، وعمق علمه، وهو اللائق حقًا بداعية المسيحية في الصدر الأول برنابا.
وقد كانت مضامين هذا الإنجيل متفقة إلى حد بعيد مع ما يعهد في رسالات الله تعالى لأنبيائه ورسله الكرام وحُقَّ لتولاند (1718م) أن يقول عند ظهور هذا الإنجيل الصادق: «أقول على النصرانية السلام» وقوله: «إن مد النصرانية قد وقف من ذلك اليوم... إن المسيحية ستتلاشى تدريجًا حتى تنمحي من الوجود»(39).
وبينما نرى المسيح عليه السلام في إنجيل برنابًا برًا تقيًا مصليًا صوامًا، كثير الابتهال والدعاء والصبر والخلق الحسن، نراه بمنظار العهد الجديد بخلاف ذلك! إذ تصوره تلك الأسفار بالنزق وضيق العطن والتعالي والسب الشتيمة لتلاميذه «أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء» (لوقا 24: 25) والعقوق لوالدته إذا يناديها: «يا امرأة»!! بل وصل الأمر بالسب لمن سبقه من الأنبياء الكرام «الحقّ الحقّ أقول لكم إني أنا باب الخراف جميع الذين أتوا قبلي سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص» (يوحنا 10: 7ــ 9) (ولاحظ كيف أخذ البابية والبهائية بهذه الإشارات الغنوصية) بل في بعض النسخ القديمة أنه غير صالح في نفسه فتصفه بأنه «أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة» (متى 11: 9).
والعجيب أن بولس قد ذكر في رسالته لأهل غلاطية (2: 7) وجود إنجيلين إنجيل الختان وإنجيل الغرلة، فإنجيل الختان ذكر أنه عند بطرس ولعله إنجيل برنابا ــ أو موافق له ــ لأن برنابا ذكر أنه كان مكلفًا بالكتابة من قبل المسيح شخصيًا، أما إنجيل الغرلة فهو عند بولس كما ذكر عن نفسه وهو واضح من عنوانه، لأنه كان قد ألغى شريعة موسى (الختان) ونقض الناموس حتى يتوافق مع الأمم الوثنية المدعوّة.
وختامًا لمبحث هذا الإنجيل المتميز (برنابا) نقول: إنه كتاب وعظ من الطراز الأول، وقد امتلأ بالحكم النفيسة، والأمثلة البديعة، والوصايا المشرقة المنيفة، اللائقة بنبي من أولي العزم من الرسل عيسى ابن مريم عليه السلام، الذي بعثه الله تعالى إلى أمة الغضب (يهود) وقد غشيتها ثقلة الطين، وغياية الهوى، وتمرد الطباع، فعدلت إلى المادة التي أعشت بصيرتها عن حقيقة الدار الفانية، فحالت بينها وبين إدراك الروحانيات والمثل العليا، فأتاها الإنجيل العيسوي هداية وبشرى، ورحمة ونورًا، مركزًا على جانب الزهديات والروحانيات وتجلية حقائق الإيمان والتوحيد، وزجرهم عن حمأة الشرك، والتعلق بالدنيا، آخذًا بيد من وُفق منهم للسمو فوق الشهوات، والعلو على الماديات، والتحرر من ربقة الذهب والفضة، والحسد والبغضاء والظلم والكبر والشرك والكفر.
والحق أن هذا الإنجيل المهم محتاج إلى إعادة ترجمة من نسخته الأصلية القديمة سواء الإيطالية أو الأسبانية أو ما قبلهما، وأظنها مترددة بين العبرانية والآرامية واليونانية أو بهنّ جميعًا، وهل خزانة الفاتيكان السرية تحوي شيئًا من ذلك(40)!
4ــ إنجيل يهوذا:
وقد ظهر هذا الإنجيل أخيرًا ليستمر كشف الحقائق التي طالما طمستها الكنيسة، حيث ذكرت صحيفة الواشنطن تايمز في عددها الصادر في (7/4/2006م) مقالًا بخصوص إنجيل يهوذا، وأن النقاب قد أزيح عن هذا المخطوط الأثري الذي وجد في أحد كهوف بني مزار بمصر، ويعود تاريخه لبداية القرن الثالث الميلادي، والشاهد من ذلك أن هذا الإنجيل(41) يذكر صراحة أن المسيح يخاطب يهوذا ويقول له: «إنه (أي يهوذا) سوف يختلف عن باقي الحواريين، وأنه سوف يكون الرجل الذي سيضحي به كشبيه لي، يلبس هيئتي أو يلبس ثوبي»(42).
وهنا نقف ونتأمل هذا النص، مع قول الحق سبحانه: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" [النساء: 157] فهذه شهادة من هذا الإنجيل الذي كتب قبل الإسلام بنحو أربعة قرون، ويشهد لصحة ما في القرآن العظيم(43) وينقض عقيدة الكنيسة العامة من القواعد.
ولم يُذكر في القرآن الكريم أن إيقاع الشبه بيهوذا أو غيره كان لخيانته، إنما يذكر العهد الجديد أن يهوذا خان المسيح عليه السلام ودل الجند على مكانه ثم ندم فيما بعد وقتل نفسه. ولم يذكر الله تعالى في القرآن العظيم كذلك أن إيقاع الشبه بيهوذا كان باختياره وتضحيته بنفسه من أجل فداء نبيه الكريم... بل ولم ينص صراحة في كيفية التشبيه، لكنه أطلقه "شبّه لهم" والاحتمالات في كيفية الاشتباه أو التشبيه واسعة.
وإذا أخذنا باحتمال تضحيته بنفسه ــ كما نطق به إنجيله ــ فقد حللنا بذلك إشكال رواية إنجيل متى التي ذكرت تكريم يهوذا مع التلاميذ بأنهم سيحاكمون بني إسرائيل ــ ولعل المراد بهذه المحاكمة على فرض صحتها مجرد الشهادة، فالأنبياء الكرام لا يحق لهم ذلك فضلًا عن من دونهم بل الحكم لله وحده "مالك يوم الدين" [الفاتحة: 3](44).
5ــ مخطوطات البحر الميت:
بعد اكتشاف مخطوطات نجع حمادي بسنتين ظهرت مخطوطات كهوف قمران(45) قرب البحر الميت عام (1947م) وكان لظهورها دوي هائل هز الأوساط اليهودية والمسيحية على السواء، فالجميع كانوا متعطشين لها، فأقدم نسخة عبرية للعهد القديم هي المازورية (الماسورية) وهي تعود إلى القرن العاشر بعد الميلاد، وفيها اختلافات كثيرة مع النسخة السبعينية اليونانية المترجمة في الإسكندرية في القرن الثالث قبل الميلاد، إضافة لاختلافاتها مع نسخة السامريين، لذلك احتاج اليهود والمسيحيون ــ والبروتستانت بوجه خاص ــ إلى مرجح لهذه النسخ المتضادة، وقد كانت النتيجة أن وجدوها خليطًا بين هذه النسخ الثلاث مع زيادات ونقائص.
أما العهد الجديد فلم تكتب أسفاره إلا بعد قرابة نصف قرن من الوقت الذي حدد للموت المزعوم للمسيح عليه السلام مع الاختلاف البيّن في تفاصيل حياته ووصاياه بين الأناجيل الأربعة، فاحتاجوا إلى نص معاصر للفترة التي عاشها المسيح عليه السلام بين ظهراني قومه ليُحسم الخلاف على ضوئها.
وقد طارت في الآفاق أخبار اكتشاف المخطوطات التي يُظن أنها قد كتبت في الفترة (200ق.م ــ 50م) (46) وقد بدأت نماذج منها في الظهور للباحثين المتشنفين لما فيها, ولكن العجب أن نشرها توقف فجأة لسبب غير معلوم! وأصابع الاتهام تشير تارة إلى الفاتيكان وأخرى إلى الكنيس اليهودي(47).
إن العثور على كتابات قديمة سابقة ومعاصرة للفترة التي عاشها المسيح عليه السلام، وفي منطقة لا تبعد إلا بضعة أميال عن مدينة القدس قد أنعش الآمال في العثور على معلومات تحل الكثير من الألغاز في حياة المسيحية ــ وما أكثرها! ــ وتكشف الغموض عن حياة المؤسس المنسوبة له الديانة المسيحية، وتفاصيل علاقته باليهود في عصره، وقد زاد الحماس عند الباحثين عندما تم نشر الأجزاء الأولى من المخطوطات في الستينات الميلادية، حيث تبيّن أنها تنتمي إلى جماعة يهودية مسيحية تعرف باسم الأسينيين(48) والعيسويين، وأنه كان لهم معلم تشبه صفاته صفات المسيح عليه السلام(49).
وقصة اكتشافها أن صبيًا من عرب التعامرة يقال له محمد الديب أضاع إحدى الماعز التي يرعاها في ربيع (1947م) بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، فصعد الصبي فوق الجبل للبحث عنها، فشاهد فتحة صغيرة مرتفعة في واجهة سفح الجبل (مغارة صغيرة في سفح جهة الجبل العمودية) ومن باب الفضول ألقى صخرة في تلك الفتحة، وتعجب حينما سمع صوت ارتطام حجره بجرة فخارية، فأعاد الكرة فسمع ذات الصوت، عندها تسلق محمد سفح الجبل الوعر، وأطل برأسه داخل الكوّة فشاهد مع وبيص الضوء عدة جرار فخارية مرصوصة بعناية على أرضية الكهف، فاكتفى بذلك، وعاد في اليوم التالي بصحبة صديقه الذي أعانه على الصعود ودخول المغارة التي عثر بداخلها على عدة أوعية فخارية تحوي سبع مخطوطات فأخذاها ، وسرعان ما ظهرت تلك المخطوطات عند عرضها للبيع عند تاجر للأنتيكات في بيت لحم، الذي باع أربعًا منها لألمار أثاناسيوس رئيس دير سانت مارك، وثلاثًا منها لإليعازر سوكينوك لحساب الجامعة العبرية في القدس بواسطة يادين سوكينوك! وهكذا اجتمعت المخطوطات السبع في الجامعة العبرية.
وبعد هدنة (1949م) أصبحت منطقة قمران والثلث الشمالي من منطقة البحر الميت تحت سيطرة الأردن، وبدأ الأردنيون ينقبون في الآثار هناك حيث وجدوا في نفس الكهف مئات القصاصات الصغيرة، ثم نزلوا في التنقيب إلى آثار خربة قمران، وهي قرية العيسويين في زمانهم، واستمر البحث في كهوف المنطقة، وما حول البحر الميت، حتى وجدوا سنة (1956م) مجموعة من أحد عشر كهفًا في منطقة قمران تحوي العديد من المخطوطات(50).
كان ألمار أثاناسيوس قد سمح للمدرسة الأمريكية للدراسات الشرقية في القدس بنشر صور مخطوطاته، ففعلت، وترجمتها للإنجليزية، كذلك فعلتها الجامعة العبرية بالمخطوطات الثلاث الأولى.
وبعد حرب (1967م) سقطت الضفة الغربية بأيدي اليهود، ومن ضمنها متحف القدس الذي يحوي المخطوطات المكتشفة، ولم ينج منها إلا مخطوطة نحاسية واحدة كانت في عمّان لغرض الترميم، وتوقف النشر بعدها تمامًا.
وقد كانت السلطات الأردنية قد كوّنت لجنة كلها من الكاثوليك(51) لدراسة وترجمة المخطوطات(52)، واستمر عمل هذه اللجنة ــ المُريبة ــ بدون نشر للمخطوطات ــ إلا النزر القليل ــ حتى تولتها هيئة الآثار الإسرائيلية عام (1991م)(53)، ثم بدأت حملة إعلامية من صحف أمريكية تهاجم المسؤولين عن التكتم على المخطوطات وعدم نشرها، وقد تم الالتفات بكل مكر على تلك القضية بأن أعلنت مكتبة هانتينجتون بكاليفورنيا عام (1991م) أن لديها صورًا فوتوغرافية لجميع مخطوطات قمران، وأنها ستسمح للباحثين بالاطلاع عليها، وكذلك فعلت جامعة أكسفورد (مع اتهام بعض الباحثين متحف روكفلر والفاتيكان بالتكتم على وثائق هامة بها) وقام آيزنمان في الولايات المتحدة بنشر ترجمة هذه الصور، كذا فعلها فيرميز في بريطانيا، وأُعلن أن المشكلة قد انتهت، وأن كل المخطوطات قد تم نشرها، ثم تظاهرت سلطات الآثار الإسرائيلية وقتها بعدم موافقتها على النشر، وأنها ستلجأ للقضاء(54)، وتم إغلاق الملف بهذه البساطة، مع أن كثيرًا من المحققين لازالوا مصرين على نشر المخطوطات التي لم تر النور وبخاصة مخطوطات الكهف رقم (4) تحديدًا؛ حيث لم ينشر إلا مئة من مجموع خمسمئة قصاصة وكلها تـخص تلك الطائفة المسيحية اليهودية (الأسينيين/ العيسويين) وليس من المستبعد أن تلك القصاصات قد وجدت طريقها لمكتبة الفاتيكان السريّة، ضمانًا لئلا ترى النور في يوم من الأيام(55).
وهناك تيّار يهودي مسيحي أكاديمي(56) يحاول هدم دعوة المسيح عليه ال الأولى، عن طريق التأكيد على أن المسيح عليه السلام مجرد أحد رجالات اليهود ولم يأت بدعوة جديدة، ثم يحاولون تمرير مخطوطات تلك الطائفة عن طريق مزجها بمخطوطات طائفة مضادة لها تمامًا وهي طائفة الماسادا (حراس المعبد) وجعل هاتين الفرقتين المتضادتين مجرد فرقة واحدة!! مع أن الماسادا هي فرقة يهودية فرّيسيّة متعصبة معادية للمسيح عليه السلام وأتباعه! ثم بعد أن يطووا بساط تلك الثقافة ــ السليبة ــ ينحون على بولس بوصفه مؤسس المسيحية، ولم يأت قبل بولس أحد، وأن هذه الديانة البولسية مجرد هرطقة يهودية.
وبهذا يصلون بمكرهم إلى إلغاء ديانة المسيح عليه وسلم المسيحية الحقّة؛ لأنهم لا يؤمنون به أصلًا، بل ينتظرون ملكًا داووديًا مخلّصًا غيره، وبهذا يقطفون ثمارًا عديدة في جولة واحدة، منها إفساد أديان الناس؛ لأن الإنسان المنتمي إلى دين ــ ولو محرّف ــ فلابد أن تبقى فيه بقية من انتماء للخير, ولكن من تسلخه من دين منسوب لله تعالى فإنك تفتح له باب الإلحاد والإباحية، والله تعالى قد وصف اليهود بأن سعيهم في الإفساد صفة لازمة وسمة ثابتة لهم إلا قليلًا منهم، قال تعالى: "ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين" [المائدة: 64]، وأمثلة إفسادهم في الأرض لا تحصر، ومن ثمار تلك المكيدة براءة اليهود من دم المسيح عليه السلام وهي التهمة التي استطال عليهم المسيحيون بسببها قرونًا وقتلوا منهم لأجلها ألوفًا.
ولسائل أن يسأل: أين الفاتيكان؟ فالجواب: أنه طالما أن أحدًا لن يعارض سيادة الفاتيكان وسلطته وموارده؛ فلا مانع لدى الفاتيكان في تغيير ما جاء في الكتابات الأولى لدعاة المسيحية، أو على الأقل السكوت عن ذلك حتى لا يضطر لإجابة أسئلة لا يطيق الجواب عنها، كذلك الحال مع قادة البروتستانت والأرثوذكس! ولتذهب الحقيقة _بلسان حالهم ومقال بعضهم_ إلى الجحيم!
وهكذا تحوّل حلم التعرّف على حقيقة أحداث التاريخ المسيحي الأولى إلى أكبر مشروع لتزوير حقائق التاريخ في العصر الحديث(57).
وفي هذه الأيام ثارت القضية مرة أخرى لاكتشاف السلطات الأردنية سرقة يهودية كانت قد تمت منذ خمس سنوات من أحد الكهوف الأردنية، حيث وجد بعض المنقبين سبعين كتابًا نحاسيًا مكتوبًا باللغتين العبرية والآرامية، والذي يمثل تلك الحقبة الغامضة، بل إنها ــ كما قيل ــ تمثل جزءًا من أقدم الوثائق النحاسية. فهل سنرى فيها جديدًا، أم ستلحق بقائمة لفائف قمران؟
والظن أن الحقيقة ستصدم الفريقين على السواء، ولن يتقبلها إلا من تحرر من ربقة العنصرية(58) "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" [يوسف: 21] أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل" [الشعراء: 197]. والحمد لله على نعمة الإسلام, وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.

إبراهيم الدميجي
1/ 4/ 1433
@aldumaiji
مدونة: "كلنا نحب المسيح عليه السلام"
http://eslam100.blogspot.com/

....................................................
(1) ينظر: مخطوطات البحر الميت، أحمد عثمان.
(2) قرية في محافظة قنا بصعيد مصر على مسافة (100كم) شمال الأقصر.
(3) تشمل هذه المخطوطات (13) مجلدًا، حوت (52) كتابًا، بلغت (1000) صفحة، من بينها (794) صفحة كاملة.
الجدير بالذكر أن الدراسات المنشورة بخصوصها تجاوت (53) كتابًا.
وسبب إخفائها هو حمايتها من أيدي الرومان الوثنيين الذين اضطهدوا المسيحيين الأوائل كما في عهد الإمبراطور نيرون، ثم تراجان، حتى أن المسيحيين في عهده كانوا يصلّون في الخفاء هربًا من اضطهاده، وكان بعض ولاته يقتلون كل من تثبت عليه تهمة المسيحية، ثم في عهد ديكيوس الذي أصدر أمرًا عامًا باضطهادهم، أما في عهد دقلديانوس الذي حكم سنة (284 إلى 305م) فقد أمر بهدم كنائسهم في مصر، وإحراق كتبهم، وسجن أساقفتهم ودعاتهم وقتلهم، حتى وصل قتلى المسيحيين الأقباط في عهده إلى ثلاثمئة ألف قبطي!! وهذا مما ساهم في ضياع كتبهم وتحريف السادة والكبراء لدينهم، خاصة من اليهود الذين دخلوه نفاقًا، وسبب هذا العداء المستحكم القديم هو أن الإسكندرية هي الخصم التقليدي القديم لروما منذ القرون الأولى ــ وقد مر بيان ذلك ــ.
(4) وقد عاد المجلد (13) للمتحف عام (1961م).
(5) وهو الإنجيل المعروف باسم إنجيل توماس (توما) وهو إنجيل توحيدي، ومن الصعب اعتباره إنجيلًا هرطوقيًا، إذ أنه يحتوي على عدد كبير من أقوال المسيح عليه السلام التي ظهرت في الأناجيل المعتمدة في العهد الجديد، إلى جانب أقوال لم تظهر بها، وهو على كل حال معدود عند الكنيسة العامة من الأبوكريفا (غير المعتمدة).
(6) يدعى تحتمس في المصرية القديمة.
(7) يدعى يحمس في المصرية القديمة.
(Cool نيقية: بلدة في بيثينية، وهي قرية أسنيك التركية.
(9) كما تم في تلك الحقبة إحراق مكتبة الإسكندرية، بما في ذلك معهد اللاهوت المسيحي، وهذا راجع إلى محاولة الإسكندرية منافسة روما في زعامة المسيحيين مما جر عليها الويلات.
(10) وقد أبعد بعض الباحثين النجعة حينما زعم أنها تعود للقرن الثالث، بدون أن يقدم دليلًا موضوعيًا، بينما يرجح آخرون إلى أنها عائدة إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، ولا زالت الحقيقة عالقة بين الفريقين تنتظر البرهان.
وانظر: مخطوطات البحر الميت، ص159.
(11) لم تكن مكتبة نجع حمادي هي أول ما عثر عليه في مصر من كتابات مسيحية قديمة مدونة بالقبطية، فقبل نهاية القرن الثامن عشر اشترى سائح اسكتلندي مخطوطًا قبطيًا من الأقصر، كذلك وجد أحد هواة التحف مخطوطًا قبطيًا لدى أحد بائعي الكتب القديمة في لندن، وتبين من ترجمة الكتابات أنها تحتوي على حوار بين المسيح عليه السلام ومجموعة من التلاميذ، كذلك عثر أحد علماء الآثار الألمان على مخطوط قبطي معروض في سوق الأنتيكات في القاهرة يتضمن إنجيل مريم المجدلية، كذلك عثر على كثير من المخطوطات المسيحية القديمة باللغة اليونانية.
الجدير بالذكر أن أقدم المخطوطات المسيحية في العالم بما فيها أناجيل العهد الجديد وجدت كلها في أرض مصر.
(12) خصوصًا في جامعة هارفارد الأمريكية.
(13) وبطرس هو سيد الحواريين ــ حسب رواية العهد الجديد لأنه راعي غنم المسيح! ــ وإليه تنسب ــ زورًا ــ الكنيسة الرومانية الملكانية الكاثوليكية؛ إذ يرى كثير من المحققين أنها قد قامت على كذبة مفادها: أن المسيح عليه السلام بعد قيامته في اليوم الثالث أعطى تلميذه بطرس تفويضًا ليخلفه في إمامة المسيحية «قال له يسوع ارع غنمي» (يوحنا 21: 17) وأن بطرس سافر قبل موته إلى روما ليعطي هذا التفويض شخصيًا إلى كهنة الكنيسة هناك، حتى قيل: إن مقر الفاتيكان مبني على ضريحه. مع أنه ــ من شبه المستقر ــ بين محققي التاريخ المسيحي أن قدم بطرس لم تطأ أوروبا قط, بل إن هناك إشارات إلى وفاته في سجن القدس سنة (40م).
(14) المخاطب هو المسيح عليه السلام.
(15) مخطوطات البحر الميت/ نجع حمادي، أحمد عثمان، ص138.
(16) القصة الحقيقية لنشأة الكنيسة المصرية يلفها الغموض بدءًا بإنكار مصريّة مرقس الإسكندري، مرورًا بالتعذيب الشديد والحرب الظالمة على المصريين من قبل كنيسة روما، ومطاردتهم وحرمانهم، وحرق أناجيلهم، ثم الأنكى من ذلك محاولة كنيسة روما كتابة تاريخ كنيسة مصر من جديد! بنفسٍ كاثوليكي مع طمس المصادر المصرية، واتهامها بالهرطقة لرفضها في البداية الخضوع والاستسلام لخرافات الكنيسة الرومية، وبسبب تأييد الإمبراطور الرومي قسطنطين للكنيسة الرومية ازداد نفوذها واشتدت سطوتها وبطشها، فأمرت بحرق جميع الكتابات المخالفة لها (ولعل من ضمنها إنجيل المسيح نفسه!) وأحرقت كذلك معبد سرابيوم بالإسكندرية، ومكتبة الإسكندرية من أجل طمس التاريخ والحجج والعقائد، وأغلقت مكتبة الإسكندرية بعد حرقها وقتل آخر مدير لها، ومع حرق كثير من المخطوطات هرب بعض الرهبان بما استطاعوا حمله من المخطوطات واتجهوا جنوبًا في وسط صعيد مصر بعيدًا عن الرومان وقساوستهم الدمويين ثم وضعوا هذه المخطوطات في جرة كبيرة ودفنوها بين المقابر، حتى أذن الله تعالى لها أن ترى النور بعد نحو سبعة عشر قرنًا من الزمن لتكون شاهدة على وفاء المصريين الأوائل للتوحيد الأصيل الذي جاء به المسيح عليه السلام، وإنا لنرى في المصريين المعاصرين الأقباط هبّة رجوع للحق الذي جاء به المسيح عليه السلام والذي بشر به ألا وهو دعوة أخيه محمد صلى الله عليهما وسلم، فربحوا محمدًا ولم يخسروا المسيح صلى الله عليهما وسلم، إنهم ليحفظون أن خليفة المسلمين حفظ لهم حقهم، ورد لهم الكرامة، وحينما اعتدى ابن أمير مصر المسلم على أحد الأقباط ما كان من خليفة المسلمين إلا أن أتى بهما وأعطى القبطي العصا وقال له: اضرب ابن الأكرمين، وقال للظالم: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!.
وإن التاريخ ليحفظ للأقباط سرعة اعتناقهم للإسلام في الفتح الإسلامي لمصر ولذلك أسباب منها:
اتفاق الدعوة الإسلامية مع كثير مما بين أيديهم من بقايا دعوة المسيح عليه السلام, ووجود البشارات بنبي الإسلام في كتبهم، كذلك إكبارهم لمعاملة المسلمين الفاتحين لهم بالعدل والإحسان، فكان أول قرار أن أعادوا للأقباط كنائسهم ورتبهم التي سلبها إياهم الرومان، والعمل معهم بالعدل والرحمة فكان هذا مدعاة للكثيرين منهم أن يدرسوا الإسلام بعناية وتجرد حتى رأوا حقائقه الساطعة الكاشفة لكل شبهة والشمول المحيط بكل حركة وسكنة, والإشباع العقلي والروحي والجسدي للنفس الإنسانيّة.
(17) إذ قام باول بإعادة ترجمة إنجيل متى من اللغة اليونانية فتبين له وجود أجزاء مكررة في هذا الإنجيل، مما يوحي بأن كتابتها قد أعيدت في مرحلة تالية، وكانت أهم الوقائع المكررة هي ما يتعلق بوقائع محاكمة المسيح وصلبه، فالمحاكمة الثانية قد تم نقلها بنفس ألفاظها وأحداث المحاكمة الأولى مع فارق واحد هو نهايتها بالصلب!
وبما أن إنجيل متى هو المصدر لباقي الأناجيل المعتمدة التي قد أخذت هذه القصة منه، فعليه فإن تلك الروايات تسقط لسقوطها من الأصل، وهذا يؤدي إلى ضرورة إعادة النظر في قبول ما ورد في الأناجيل باعتباره لا يمثل الحقيقة التاريخية للأحداث الفعلية.
لذلك فقد قال الأستاذ هيلموت كويستر أستاذ التاريخ المسيحي بجامعة هارفارد: «إن مكتبة نجع حمادي فرضت علينا إعادة كتابة التاريخ المسيحي» وقد أكد أنه شخصيًا بدأ في إعادة كتابة أعماله السابقة على ضوئها.
مخطوطات البحر الميت، ص165.
(18) وإن كان قد دخلهم من ينسب إلى الغنوصية ونحوها من المذاهب الباطنية، ولعل بعضهم قد اضطره الفزع من بطش الكاثوليك أن يكتب عقيدته مرمزة على شاكلة عبارات الغنوصيين.
(19) الهرطقة: هي الخروج عن تعاليم ووحي الكنيسة!
(20) وفيها ما يضاد وثنية الرومان من التثليث وتأليه الخلق.
(21) كما في سورة مريم وسورة المائدة وسورة آل عمران.
(22) وفي روايات العهد الجديد أن يسوع هو من شرب الخل.
(23) أي مزيف وغير معتمد.
(24) قال الله تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً". [النساء: 157، 158].
(25) رواه مسلم.
(26) ولا عجب في ذلك على القول بأن بولس هو من دون ذلك السفر. ولعل الشجار بينهما سببه نقض بولس لناموس موسى عليه السلام، كإلغاء تشريعاته كالختان وخصوصية بني إسرائيل بالدعوة، وأتى بعقائد مبتدعة انتحلها من الفلاسفة الوثنيين فافترقا جسدًا وروحًا إلى الأبد، وسيأتي مزيد بيان في نقض بولس للناموس قريبًا إن شاء المولى تعالى.
(27) والعجب كيف يلغى هذا الإنجيل لحواري المسيح عليه وسلم، ومن السابقين الأولين المؤمنين به، ثم يقبل إنجيل لوقا ورسائل بولس وهما لم يلقيا المسيح البتة؟! ومثلهما ــ على الصحيح ــ بقية كتبة الأناجيل المعتمدة الحقيقيون.
(28) أي بعد (41) سنة فقط من مجمع نيقية!
(29) ينظر: هل العهد الجديد كلام الله؟ مبحث: إنجيل برنابا، د. منقذ السقار.
(30) أوفرامرينو.
(31) للتبشير الصريح الواضح به في ذلك الإنجيل.
(32) وتقع في (225) صحيفة سميكة باللغة الإيطالية.
(33) من ضمنها: رسالة الرد على الكتاب المسمى إنجيل برنابا، سامح كمال، وقد وصف هذا المتهوك الضال إنجيل برنابا بالشرير كصاحبه الشرير!! وأنه رسالة كافرة أثيمة ضارة!
(34) وقد نشره العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى.
(35) أقول إثبات الأصل والسياق العام مع طروء شيء من التحريف عليه، فقد ذكر فيه أمور لا تصح بحال؛ كالقول بأن الله خلق الخلق لأجل محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا مخالف لعقيدة المسلمين في أن الله تعالى ما خلق الخلق إلا لعبادته: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56]، ومنها بعض ما يتعلق بيوسف (النجار) (ف2) أو ذكر الخمر، أو تسمية المسيح عليه السلام، ومنها اشتماله على لوثات فلسفية غنوصية، كقوله: «إن الله في كل مكان» (ف17) وغير ذلك مما يعزى سببه إلى تحريفه عن طريق تناقله شفاهًا حتى دوّن، أو وصول يد التحريف عن طريق الترجمة غير النزيهة أو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (2/2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مَسِيرَةُ التَّوْحِيدِ فِي الدِّيَانَةِ النّصْرَانِيَّةِ (1/2)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الواد الأخضر :: منتديات اسلامنا :: قسم العقيدة والتوحيد-
انتقل الى: